اخر الاخبار

مع اقتراب الدراسة.. نصائح الخبراء لتعلم عصري فعّال في أجواء كورونا

يخوض العالم تحديًا مصيريا في ظل تفشي موجات فيروس كوفيد-19، ويعد توصيل خدمة متميزة لملايين الطلاب في المدارس والجامعات بين أحد أبرز مظاهر هذا التحدي باعتبار أنه يفترض تبني نمط جديد لدمج التعلم التقليدي (وجها لوجه) والتعلم عن بعد، من هنا ظهرت أهمية التعلم المختلط Blended Learning الذي يسعى لحصد ميزات التفاعلية واللحاق بالتطور الكبير في الذكاء الاصطناعي والتعلم عبر الإنترنت من خلال عدد كبير من الأنماط المختلطة للتعلم التي توفر الوقت والمرونة والتكلفة والأجواء الفردية اللازمة للتعلم.

وسوف نستعرض هنا عددا من نصائح خبراء التعليم والمعلمين من خلال معايشتهم لتجربة التعليم عن بعد بالتزامن مع انتشار وباء كورونا:

كفى خسارة!

تقول د.نانسي فراي، خبيرة القيادة التعليمية في جامعة سانتياجو الأمريكية، وصاحبة المؤلفات في مجال التعلم المرئي لمحو الأمية، أن هذا النمط يعد أكثر فاعلية في التعلم وإزالة الفوارق بين المواطنين، فيما يؤكد زميلها د.دوجلاس فيشر أننا بالفعل منينا بتسرب العديدين من التعليم منذ يونيو 2020 بفعل فيروس كورونا، ومن هنا بدأنا نستمع لعبارة “خسارة التعلم” مع إغلاق المدارس والجامعات وعزلة الطلاب، ولهذا كانت الحاجة ماسة لإيجاد حلول بديلة، حيث لن يكون التعليم بشكله التقليدي، ولا المدرس بصورته النمطية، والبديل سيكون فادحا حينما نجد طالبا يعتقد أنه بذل مجهودا كبيرا ولم يحصل على تعليم يذكر، ويعتقد آخر بانعدام كفاءته في التعلم، فيقررون التوقف، وهو ما حدث للمعلمين بدورهم!([1])

ويقترح الخبيران أن نبحث عما يحتاج الطلاب لتعلمه، واعتماد التقييمات المرحلية قبل بداية كل وحدة دراسية من المنهج للتأكد من استفادة الطلاب بالفعل، ومعرفة أوجه القصور، ومعالجتها، مع أهمية استبعاد المفاهيم السطحية أو التي يعرفها الطلاب بالفعل، والعمل على المساحات التي تكسب الطلاب خبرات جديدة.

من الهام ايضا بناء شبكة مفاهيم مقدما في أي موضوع نتعلمه، والتأكد من أن الطلاب قد أصبحت لديهم مرجعية وافية تجاه الموضوع الذي يتعلمونه، وبدون ذلك لا يصبح للتعلم الجديد جدوى، ويترافق مع ذلك بناء معرفة لغوية ومرتبطة بالسياق، والاهتمام بالموضوعات المرتبطة بالعصر والتكنولوجيا، وتقديم المحتوى مصاحبا بالفيديوهات القصيرة والمحتوى التفاعلي بتطبيقاته الجذابة، ومنها تطبيقات البازل والكويزليت لتأكيد المفاهيم والكلمات الجديدة في شكل ألعاب، وهذا جزء من نمط التعلم الجديد.

يجب أن نهتم بالموضوعات قريبة الصلة بالطلاب، وحياتهم، واهتماماتهم، بما يثير شغفهم تجاهها ويحقق استفادتهم الحياتية منها في تنظيم الوقت وإدارة النفس تجاه تحقيق الأهداف بشكل إيجابي والسلوكيات والقيم الدافعة للنجاح والإنجاز، فهذا ما يستحق وقت وجهد وانتباه الطلاب.

كيف يصبح التعلم فعالا؟

على المعلمين خوض تجربة التعلم عن بعد والتعلم المختلط بشجاعة كافية في هذه المرحلة الحرجة، وعن ذلك يقول خبير التعليم العالمي إريك شيننجر eric sheninger صاحب أهم الكتب في مجال التعليم العصري، بأن التعلم المختلط هو كيفية استفادة المعلم مما تقدمه التكنولوجيا لتحقيق الأهداف التعليمية، وهو ما يمكن الطلاب من التحكم في مسار تعلمهم ومكانه ووتيرته.([2])

إن تقديم المحتوى التقليدي عبر تقنيات “زوم” و”جوجل ميتنج” لا يعني أننا نقدم تعليما ممتزجا عصريا (يمزج التعلم المباشر والتعلم عن بعد)، ولا حتى استخدام الكويز أون لاين وما شابه من تطبيقات، فالتعلم المختلط تكمن روحه في تقديم تجربة شخصية لكل متعلم، ليست نمطية بالمرة، فإذا كان المتعلمون يقومون بالمهام نفسها بالكيفية والمحتوى ذاته، وإذا كانت “المساواة” هدفا لذاته، فلا شيء تغير!

المطلوب في النظام المختلط دائما هو تحسين تفاعل الطلاب، والانتقال من “ماذا يفعل المعلم” إلى “ماذا يفعل المتعلم” لتطوير المنظومة بنجاح، ويمكن ذلك ببساطة عبر استراتيجية نظام التشغيل الذاتي Playlist وتتضمن:

طرح الاهداف من كل وحدة والتطبيقات المرتبطة بها عبر تقنيات جوجل كلاس وزوم وغيرها.

طرح مواد نظرية مصممة بشكل جذاب تمنح المباديء الأساسية.

 إتاحة تفاعل الطلاب بإعداد أوراق خاصة بهم وتلوين كل مهمة أنجزوها

طرح الأسئلة على المنصة والأنشطة المحفزة للتفكير

طرح انشطة تنمي ملكة حل المشكلات من خلال مفاهيم الدرس

طرح وسائل تنافسية وألعاب بين الطلاب مثل الفريقين وما شابه

التدريس بشكل متوازن بين النمط “وجها لوجه” والتفاعل الإنساني مع الطلاب إلى جانب التكنولوجيا والتعلم عن بعد، مع اعتماد أدوات تكاملية تستجيب لنقاط الضعف والقوة وتستند لنتائج الطلاب.

طرح مسارات ومنصات بديلة تلبي احتياجات ورغبات وقدرات كل الطلاب.

تقديم تقييم مبسط للمتعلمين بعد الانتهاء من المهام وخلالها.

تحيلنا ميشيل بوتمان الخبير التعليمي إلى تصور الطلاب وهم يفحصون هواتفهم فور دخول الفصل للولوج إلى الموقع الإليكتروني التعليمي عبر باركود معين، ومن ثم تظهر أمامهم لائحة الأنشطة المتلائمة مع احتياجاتهم التعليمية الفردية، وهنا يمكن أن يدخل المعلم “المساعد” لوقت قصير لمعاونة الطلاب في التحدث ومتابعة تقدمهم، بينما يمضي أغلب وقت الحصة في متابعة المهام المطلوبة، لا شك أن ذلك يعلم الطلاب الاستقلالية وإدارة النفس وقيم المنافسة والإنجاز.

نصائح في تقنية التعليم عن بعد

ينصح ميشيل أيتون، مدير التعلم الافتراضي والمختلط في “وايني تاون شيب”، بتبني خطوات تحقق فاعلية أكبر للتعلم المدمج وهي: ([3])

  • تحديد ما سيتم تقديمه من خلال الشرح وجها لوجه، وما سيتم تقديمه عن بعد باستخدام التكنولوجيا وتطبيقاتها، وبالطبع استنادا لطبيعة كل مرحلة دراسية، حيث يقل الاعتماد على التفاعل الشخصي كلما ازدادت المرحلة العمرية للطلاب، والعكس.
  • في المحتوى الذي سيقدمه المعلم عبر اللايف والتواصل المباشر، يجب أن يظهر الاختلاف عن النمط الأون لاين، ويعتمد الثاني على قدر أكبر من التفاعلية مع الطلاب.
  • من الهام طرح تطبيقات تفاعلية حتى خلال التواصل الشخصي مثل EDPUZZLE لاستيعاب المفردات، وعرض الفيديو المرتبط بالدرس، وإثارة الأسئلة حوله، وليس توفير دفعة من المصادر الجافة.
  • موازنة الجهد المتطلب من الطلاب، والحد منه قدر الممكن مثل توفير كافة المهام والمسارات من خلال الصفحة الرئيسية ليصبح عدد الصفحات المطلوب دخولها أقل، مع استخدام تطبيقات استعادة المعلوم وأنشطة تعكس الاستيعاب،

  • عليك الموازنة بين التكنولوجيا وأهدافك التربوية، وان تكون لك قائمة بمعايير الجودة تحفز الطلاب والمعلم، ولا يمكن إغفال أدواتك كمعلم ومنها توفير خلفية للطلاب، وأسئلة محفزة، وشرح لاهم النقاط، وتقييم لأدائهم، وتشجيع تعاون الطلاب ومشاركة أفكارهم.

المشكلة الحقيقية بحسب استطلاع أن هناك فجوة أحيانا بين ما يريد المعلم توصيله، وما يستطيع توصيله عن بعد، لكافة طلابه، وهنا تكمن براعة كل معلم في استغلال التكنولوجيا لصالح التعليم، ولتوفير جهده المهدر بلا طائل.([4])

التعلم المدمج.. الحل الأفضل

التعلم المدمج أو المختلط نمط يعيننا كثيرا مع الاضطرار لتخفيض أعداد الطلاب داخل المدارس، لأنه يجعل أغلب وقت التعلم من المنزل بينما الطلاب يجتمعون في الفصول للمناقشة فيما تعلموه وإجراء بعض التطبيقات وتسليم واجباتهم وعادة تكون في نمط باور بوينت أو أي شكل متطور آخر وليست تقليدية.

يصلح التعلم الافتراضي مع الطلاب الذين لا يندرجون تحت التعلم المدرسي التقليدي، والعكس بخصوص التعلم المنقلب Flipped ClassRoom والذي يفترض حضور الطلاب داخل الفصل بشكل اكبر لتطبيق الدروس التي تعلموها بالفعل في المنزل أون لاين، عبر محاضرات مسجلة أو لايف.([5])

تقول إحدى المعلمات الأمريكيات لمادة الرياضيات، إن الفصول المنقلبة ليست مهمتها تقديم محتوى داخل البيت

remote learning-tb: others

أو أنشطة في الفصول، بل الأهم هو توفير وقت للطلاب لفهم الدرس بطرق جذابة سهلة متنوعة تقلل من شعورهم بالتوتر أو الملل كما كان الحال في الفصل التقليدي، لأنها تحتوي مسارات أكثر ويمكن استخدامها في الوقت الملائم للطالب كما تبني العلاقات بين الطلاب لانها قائمة على فكرة العمل الجماعي في بعض أجزائها.

إن التعلم المختلط يجمع مميزات الدرس التقليدي والأون لاين، وتنصح سلمى فيراجوف مستشارة العلاقات ومؤسسة “سي فور سي” التعليمية، بأن يتم اعتماد الدروس القصيرة المصاحبة للفيديو، مع توفير التوازن بين تلك التي تتطلب الحضور وجها لوجه والأخرى المسجلة، وهذه المرونة من شأنها أن تتيح إمكانيات أفضل لتعليم الطلاب وبالطبع تظل أبواب المدرسة مفتوحة لأولئك الطلاب الذين يشعرون بالحاجة لمزيد من الشرح من معلميهم وليس مجرد الأنشطة أو المناقشة.([6])

ومن الهام كذلك تشجيع قدرات الطلاب البحثية والأخرى المتعلقة بكتابة مشروعاتهم وواجباتهم لتصبح مسموعة ومنظورة. وسيكون الاتجاه الأكبر صوب تقييمات “الكتاب المفتوح” لأن العبرة ليست بالحفظ بل قياس الاستيعاب.

وبينما نحن في حاجة لتبني نمط التعليم العصري بشكل طاريء، فإنه ليس علينا ان نضع الطلاب تحت ضغط وقلق نفسي، بل يجب أن نتأكد من ملاءمة المحتوى لقدراتهم النسبية، ومراعاة تخصيص وقت كافي لإتاحة التفكير والتطبيق.

في التعلم العصري، ليس هناك طالبٌ خامل متلقِ فحسب، بل هناك طالب متفاعل مع العديد من المهمات خلال الفصل، ويجري التنافس بين الطلاب، وإتاحة الفرصة لإبداعهم ووضع لمستهم الشخصية، والعمل الجماعي ما أمكن ذلك، والعصف الذهني للأفكار، وأخيرا يجب أن تكون هناك وقفات لمراجعة ما سبق من مفاهيم عبر أوقات محددة خلال الفصل الدراسي، ليس عن طريق التقويم التقليدي القائم على الحفظ، بل التقويم القائم على الطبيق العملي والفهم.

التعلم العصري دوره بناء ثقة الطالب في قدراته وتعظيمها، واكتشاف جوانب موهبته، ويجب أن نتفهم لرغبة الطلاب في الارتباط بتحديات تبرهن كفاءتهم، وعلى الجانب الآخر، يكون دور المعلم مد يده لأولئك الذين لا يشعرون بالإنجاز أو بالثقة الكافية في النفس، من خلال اخبارهم بما تعلموه بالفعل وإنجزوه وما ينتظرهم ليتابعوا ومنحهم خطوات بسيطة للمتابعة، والاحتفاء بكل منجز يحققونه، وتعليمهم التقييم الذاتي، ووضع الأهداف بمشاركتهم، وهذا يعزز ثقتهم بدرجة كبيرة.

 

المصادر: 

[1] Five Strategies for Implementing Accelerated Learning

https://www.edweek.org/teaching-learning/opinion-five-strategies-for-implementing-accelerated-learning/2021/08

[2]eric sheninger: How to Create Effective Learning Playlists?

https://esheninger.blogspot.com/2020/10/how-to-create-effective-learning.html

[3] MICHELE EATON : 4 tips for blended learning success

https://www.eschoolnews.com/2021/01/14/4-tips-for-blended-learning-success/

[4] HELEN NEWIES: Five Top Tips for Blended Learning

https://schoolsweek.co.uk/five-top-tips-for-blended-learning/

[5] THOMAS ARNETT: Blended learning models can help schools reopen–here’s how

https://www.eschoolnews.com/2020/12/21/blended-learning-models-can-help-schools-reopen-heres-how/

[6] Blended Education in schools is the need of the hour

https://www.thenewsminute.com/article/blended-education-schools-need-hour-140874

Shaimaa Essaمع اقتراب الدراسة.. نصائح الخبراء لتعلم عصري فعّال في أجواء كورونا

Related Posts